لم يكن من عادتي فيما مضى من حياتي أن أكتب مقالات سياسية موجهة للرأي العام الوطني، بل كنت في الغالب الأعم أكتفي بالبقاء مستمعا أو مشاهدا لما يدور من أحداث متلاحقة في بلدي الذي أحببته رغم كل شيء، وأعطيته عهدي أن أقدم في سبيل خدمته كل غال ونفيس وما زادني جوره علي إلا تعلقا به.
ولكنني وجدت في نفسي اليوم رغبة في الكلام عن مسيرة أربعة أعوام من حكم فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني بسط فيها العدل فوق ربوع موريتانيا، وأعاد لذوي الحقوق حقوقهم، وبعث القيم النبيلة في هذا المجتمع المسلم بعدما كادت تندثر بسبب ممارسات لا يلقي أصحابها بالا لغير مصالحهم الضيقة.
لقد استطاع رئيس الجمهورية أن يعبر بالبلد إلى بر الامان رغم الأزمات العالمية المتلاحقة، والتي عصفت باقتصادات دول عظمى وفرضت ظروفا استثنائية على دول أخرى وتوشك أن تمحو دولا من خريطة النمو إن لم تمحها من الوجود.
إن سياسة الحزم والعزم التي انتهجها رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها، فموريتانيا اليوم وبشهادة العدو قبل الصديق تسير بخطى ثابتة نحو الرقي والازدهار في محيط إقليمي مضطرب أمنيا واجتماعيا وسياسيا.
وقد أدرك فخامة الرئيس بحكمته وعقله أن أهم خدمة يمكن أن تقدم للموريتانيين هي تعزيز وحدتهم الوطنية وإعادة الاعتبار لقيمهم السمحة وهويتهم الإسلامية العربية الإفريقية، ومن تتبع خطاباته وتغريداته أدرك دون كبير عناء أن تعزيز وحدة هذا الشعب وتقوية أواصر المحبة بين مكوناته هي الشغل الشاغل له منذ تسلمه مقاليد الحكم في أغسطس 2019 ، ومن أوضح الأمثلة على ذلك قوله في خطاب عيد الاستقلال المجيد: "إن سيادة الدول والشعوب، لا تترسخ، ولا تستديم، إلا على قدر متانة وحدتها الوطنية، فالوحدة الوطنية، هي أساس الاستقرار والنماء، وهي الحصن الحصين، في وجه سائر التحديات. ولذا، جعلنا من العمل على تقويتها، هدفا مركزيا، في كافة سياساتنا العمومية.
ومن تأمل هذه الفقرة من خطاب الاستقلال بعين الإنصاف يدرك أن رئيس الجمهورية عالم بمكامن الداء، ومدرك لحقيقة أنه لا يوجد داء أدوى من التفرقة، ولا يوجد دواء أعظم من الوحدة، ولا يمكن تصور بناء وطن في غياب الاستقرار، ولا إحراز تقدم أو تطور دون وجود العدل والمساواة، ولا تحقيق تنمية في غياب "الإنصاف".
ومن تتبع مسيرة الكبيرة والمتنوعة ودقق النظر فيها، تيقن أنها لم تكن أقوال مرشح للانتخابات نجح بأغلبية ساحقة وألقى ما تعهد به وراء ظهره، بل هي أفعال رجل للعهد عنده معناه، ولذلك ورد جلها بصيغة الماضي لأنه أنجز بالفعل، وورد البعض منها مضارعا لأنه قيد الإنجاز في الحاضر، أو لأنه يؤمل إنجازه في المستقبل بعزم وحكمة وصمت ستجعله فعلا ماضيا في أقرب الآجال.
وبالفعل فقد استبشرنا كثيرا بما رأيناه من انفتاح على الجميع في هذا العهد الميمون الذي رفع فيه قائد الشعب شعار "الإنصاف" وجسده على أرض الواقع، بعد أن كادت قلة "الإنصاف" تجر وطننا الغالي إلى ما لا تحمد عقباه، كما أعاقت دعوات التفرقة مسيرة التنمية ومنعت تبوأ بلادنا للمكانة اللائقة بين الأمم على الرغم من المقدرات الكبيرة التي تزخر بها، ومن الثروات المتنوعة التي تستطيع - لو أحسن استغلالها وتوزيعها- أن تحلق بنا بعيدا عن مضارب الفقر والجهل والتخلف والتيه الفكري والحضاري الذي لا يريد لنا البعض أن نستفيق منه بعد ستة عقود من الاستغلال.
ولأن التعليم هو الذي يغرس في نفوس الناشئة، قيم المواطنة، والمدنية، وأهمية الوحدة الوطنية، ويهيئهم للاندماج السلس والفعال في الحياة الاجتماعية والمهنية، وهو السبيل إلى الترقية الاجتماعية، ومكافحة الفقر، والهشاشة، فقد زاد من سروري ما شهدته من اعتمادُ الخُطُوات الضرورية لنجاح هذا المشروع الحيوي ومن أهمها:
▪︎ اكتتاب 8.000 مدرس ما بين معلم وأستاذ ومفتش، منذ 2019 إلى اليوم.
▪︎إعلان رئيس الجمهورية عن إنشاء صندوق لدعم المدرسة الجمهورية مخصص لبناء وإعادة تأهيل وتجهيز البنى التحتية المدرسية، سيتم هذه السنة تزويده من ميزانية الدولة بمبلغ عشرينَ مليارِ أوقيةٍ قديمة.
هذا بالإضافة إلى زيادة الرواتب لصالح جميع الموظفين والوكلاء العقدويين للدولة المدنيين والعسكريين. ودفع مكافأة تشجيعية إضافية للمعلمين والأساتذة وطواقم التأطير العاملين في المدارس الأساسية والمؤسسات الثانوية طيلة السنة الدراسية و رفع الحد الأدنى للأجور بنسبة 50%.، وزيادة الإعانات العائلية المدفوعة من قبل نظام الضمان الاجتماعي بنسبة 66%.
وبالموازاة مع هذا الجهد الذي سخره الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني في سبيل تطوير موارد الدولة فإنه يسعى باستمرار للتحسين من وضعية حياة الشعب الموريتاني بجميع أطيافه، ولذا فهو يستحق علينا جميعا تشجيعه ودعمه ووضع خبرتنا تحت تصرفه، فموريتانيا تستحق الأفضل ولن تستطيع اللحاق بالركب دون تعاون وتعاضد جميع أبنائها واستعداهم للنهوض بها والمحافظة عليها حرة أبية ينعم شعبها بالشرف والإخاء والعدالة.
أحمد ولد خطري
مستشار في بلدية انواذيبو - موريتانيا والمدير العام لميناء تانيت