قال رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني إنه على الرغم مما أُحْرزَ هنا وهناك من تقدم في بعض المسارات، فلا يزال البطء والتعثر الطابعَ العام لجهودنا في سبيل تنفيذ التطلعات السبعة التي هي مقاصدُ أجندةِ 2063.
وتابع الغزواني خلال كلمته بالدورة السابعة والثلاثون العادية للاتحاد الإفريقي التي تترأسها بلادنا، إنه في إطار الخطة العشرية 2024-2034، يتعينُ تركيزُ جهودنا جميعا على معالجة الوضع المتأزم والمتردي، على مستويات عديدة في قارتنا الإفريقية.
مؤشرات القارة:
وكشف الغزواني أنه لا يزال ما يربو على 600 مليونِ إفريقي لا نفاذَ لهم إلى الكهرباء، في القرن الواحد والعشرين، كما أن قارتنا تُؤْوي أكثرَ من 50 % من نسبة الفقر المدقع في العالم، وتمتلكُ 25 % من الأراضي الصالحة للزراعة عالميا ولا تسهم إلا بحدود 10% من الإنتاج الزراعي العالمي، ما يهدد باستمرارِ تدهورِ أمنِها الغذائي، ومعلومٌ أنه لا سيادةَ بدون أنظمة غذائية فعّالة وقوية ومستدامة وهو ما كشفته الأزمة الروسية الأوكرانية، من محدودية قدرتنا على الصمود بفعل ما نشأ عنها من اضطراب في سلاسل التموين.
ونوه إلى ما تعيشه قارتنا من مفارقةً غريبة، تتجسد في التباين الهائل، بين إمكاناتها الضخمة، من حيث المصادرُ البشريةُ الشابةُ، والموقعُ الاستراتيجيُ المتميز، والمواردُ الطبيعيةُ الهائلةُ، التي تؤهلها لأن تكونَ واحةَ أمنٍ وسلام وازدهار، وبينَ واقعِها الفعلي، المطبوعِ غالبا بالفقر، والهشاشة.
وشدد على ضرورة التغلب على هذه المفارقة بتعبئة كل الطاقات والموارد لضمان التنفيذ المحكم والفعال للخطة العشرية الثانية 2024-2034.
التوترات المسلحة:
وأشار الغزواني إلى إنه من أكبر التحديات التي تواجه قارتنا، انتشارَ التوترات، والنزاعات المسلحة، والمجموعات الإرهابية، التي تهدد باستمرار كيانات الدول، بنسفِها الأمنَ والاستقرارَ، وتفكيكِها الأنسجةَ الاجتماعيةَ، وإعاقتِها الجهدَ الإنمائيَّ، وإضرارِها البالغ بالظروف المعيشية للسكان.
وأشار إلى أن منطقة الساحل وتعتبر إحدى مناطق قارتنا الأكثرِ تعرضا لهذه المخاطر التي علينا أن نعمل معًا، وفي انسجام تام وبتنسيق فعال، على درْئها، وأن ما يخلفه الإرهابُ، والنزاعات الأهلية، والحروب، في قارتنا، من خسائرَ في الأرواح وخراب في البنى التحتية والمنظومات الاقتصادية والاجتماعية، لَيجعلُ من معركة الأمن والسلام أولويةَ الأولويات، مؤكدا على ضرورة العمل الجماعي الإفريقي للتأسيس لأمن قاري جماعي، من خلال تطوير الهيكل الإفريقي للأمن والسلام، وآلياتِ الدعم المتعددة التابعة له، مثل نظام الإنذار القاري المبكر، والقوةِ الاحتياطية الإفريقية وغيرها، وتحسينِ مستوى التنسيق والتعاون، داخل المجموعات الاقتصادية الإقليمية وفيما بينها، وبناء استراتيجية قارية شاملة، تراعي الأبعادَ الأمنية، والاقتصادية، والاجتماعية والفكرية.
التغيرات غير الدستورية:
وأوضح الغزواني أن مما يزيد المشهدَ الأمني القاري تعقيدا وقَتَامةً، ما شهِدتْه قارتُنا مؤخرا، من تغييرات لا دستوريةٍ، أضرت بالاستقرار المؤسسي، والاجتماعي، والسياسي، في العديد من بلداننا، قائلا: "لا شك أن اتحادنا بذل جهدا معتبرا، عبر آلياته القانونية وقراراته، وبياناته المتعددة، .. وإن تصاعد التغيرات اللادستورية، يشكل انتهاكًا غير مسبوق للديمقراطية وتهديدًا خطيرًا لاستقرار المؤسسات في القارة؛ ومن الضروري أن نؤكد ذلك بوضوح ودون أدنى تردد"ٍ
وأكد أهمية أن تلجأ القارة إلى آلياتها الخاصة لتسوية النزاعات، وأن نغلب دائما التشاورَ لتجاوز صعوباتِنا ونقدم الحلولَ المناسبةَ لنزاعاتنا، بعيدًا عن التدخلات الخارجية، والعملَ على تكريس مبادئِ دولةِ القانون وإرساءِ ديمقراطياتٍ حقيقيةٍ تؤَمّنُ تداولا سلميا سلسا للسلطة في إطار من الاستقرار والشفافية.