بعد طول انتظار حسم حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية "تواصل"، البارحة، تسمية مرشحه للرئاسيات المقررة في 29 من يونيو 2024.
وخلافا لتجربة رئاسيات 2019 التي قرر الحزب يومها دعم مرشح من خارج فسطاطه، اتجه "تواصل" الآن إلى انتقاء شخصية من بيته الداخلي باختيار رئيسه الحالي حمادي ولد سيد المختار مرشحا له في الرئاسة.
وينحدر ولد سيد المختار من مدينة كيفة وهو من مواليد 1975، وخريج الجامعة الإسلامية في لعيون، ويرأس حزب "تواصل" المعارض منذ 25 دجمبر 2022 لمأمورية تستمر 5 سنوات.
مرشح "تواصل" الحالي سبق له أن دخل قبة البرلمان نائبا عن دائرة كيفة في انتخابات عامي 2013 و2018، ونال عضوية محكمة العدل السامية خلال إنابته البرلمانية، كما أنه كان نائبا سابقا لرئيس الجمعية الوطنية، ويتولى الآن زعامة مؤسسة المعارضة الديمقراطية منذ سبتمبر 2023، وانتخب مستشارا في بلدية عرفات في انتخابات مايو من نفس العام.
ولد سيد المختار، الذي يطغى عليه سمت الفقيه لا السياسي؛ ارتفعت حظوظه فجأة أواخر عام 2022 فترأس أكبر حزب معارض هو التجمع الوطني للإصلاح والتنمية "تواصل"، مستفيدا من حالة الشد القوية بين رجال جمعتهم سنوات “العسرة" وباينت مواقفهم سنوات "الهدوء" السياسي.
ويطرح ترشيح الرجل "معضلة" لأهل كيفة، وخاصة حاضنته الاجتماعية وارتباطاتها المحلية التي ستجد نفسها أمام خيارات صعبة بين اختيارات السياسية واختيارات العصبية، خاصة أن المرشح انتخب سابقا مرتين نائبا عن دائرته المحلية، ويحظى بمكانة محلية.
ويعول التواصليون على حمادي كطوق نجاة لطي صفحات الخلاف السياسي في البيت التواصلي، ولو مؤقتا، في مهمة تبدو شبه مستحيلة. ومع ذلك يقول مصدر مطلع في الحزب المعارض: "لا بأس بالمحاولة".
فهل تتوج "المحاولة" بمكاسب سياسية مستقبلية يبدو من أصعبها تحقيقا أن يقنع ولد سيد المختار بقية مرشحي المعارضة بمؤازرته كمرشح توافقي تتجمع حوله أصواتهم لمواجهة الرئيس الحالي محمد ولد الشيخ الغزواني الطامح إلى مأمورية ثانية؟ ومنها أيضا أن يحل ثانيا بعد الغزواني. المؤكد في جميع الأحوال أن المهمة الصعبة التي انتدب لها "تواصل" رئيسه ستفرض عليه مواجهة حادة، كما أنه اختيار جدي لحضور "التواصليين" في السياسة الموريتانية.
وكانَ آخر نموذج مماثل لحمادي عبرَ ترشيح الحزب لشخصية من داخله لتأتي التجربة ونتائجها دون "المأمول"، عندما قدم "تواصل" في رئاسيات يوليو 2009 رئيسه يومها محمد جميل ولد منصور، وحصد نسبة لم تتجاوز 4.76 %. واليومَ يعيد الحزب المحاولة بعد 15 عاما تقريبا دون ولد منصور الذي أخذ مسافة من تواصل قبل عام، ثم قرر في أغسطس الماضي الاستقالة؛ وأتبعها بتأسيس تيار سياسي أقرب إلى النظام منه إلى المعارضة؛ فهل سيكون حمادي أوفر حظا من جميل؟.