أكدت مجموعة البنك الأفريقي للتنمية أن موريتانيا تعيش مرحلة واعدة، خاصة مع بوادر تحول اقتصادي، يقوم على التعدين والهيدروجين الأخضر والغاز الطبيعي.
وأشارت المجموعة، في بيان، إلى أن هذه المجالات ستشهد انتعاشه، خاصة بعد إعادة انتخاب محمد ولد الشيخ الغزواني لرئاسة الجمهورية، حيث تعهد خلال حملته الانتخابية أنه سيعمل على توسيع صناعة التعدين إذا أعيد انتخابه.
وكشف البنك الأفريقي للتنمية رؤيته وتقييمه لهذا القطاع وما يعنيه للاقتصاد الموريتاني، في تقرير أعدته مالين بلومبرج نائب المدير العام لمجموعة البنك الأفريقي للتنمية لشمال أفريقيا ومديرة مكاتب تونس وليبيا وموريتانيا.
بداية واعدة ..
يؤكد التقرير أن في موريتانيا كنزًا من الثروات المعدنية غير المستغلة، فمع وجود عدة مليارات من الأطنان من رواسب خام الحديد، تعد البلاد ثاني أكبر منتج لهذا المعدن المهم في أفريقيا.
وأشار إلى أنه في عام 2022 وحده، أنتجت موريتانيا 13 مليون طن من خام الحديد، وذلك بفضل الإصلاحات الاستباقية وسياسات التعدين الجذابة، وفقًا لبيانات مبادرة الشفافية في الصناعات الاستخراجية، كما أن بلادنا على الطريق الصحيح لمضاعفة هذا الرقم بحلول عام 2030.
أهمية التعدين ..
يتابع التقرير أن مستقبل موريتانيا الاقتصادي يبدو مشرقا، حيث من المتوقع أن يبلغ نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي 4.2% في عام 2024 و5.5% في عام 2025 -وهو ما يفوق التوقعات لكل من النمو الأفريقي والعالمي.
ويعود هذا النمو فوق المتوسط إلى حد كبير إلى أنشطة قطاع التعدين، خاصة بعدما تصدر القطاع العديد من العناوين الرئيسية في العام الماضي 2023.
وأردف البنك أن إنتاج شركة منجم الذهب "تازيازت موريتانيا المحدودة" ارتفع إلى 620.8 ألف، وحققت شركة "سنيم" (الشركة الوطنية للصناعة والمعادن) مستوى إنتاج قياسي جديد قدره 14.01 مليون طن من خام الحديد.
وتسلط هذه الأرقام الضوء على أن الصناعات الاستخراجية ليست مجرد ركائز للاقتصاد الوطني، بل هي محركات النمو الأكثر ديناميكية.
وبشكل عام، ارتفعت مساهمة قطاع التعدين في الناتج المحلي الإجمالي لموريتانيا من 18% في عام 2021 إلى 24% في عام 2022، مدفوعًا بزيادة استخراج خامات المعادن، وخاصة الذهب. وساهم القطاع بنحو 30% من الإيرادات في عام 2022، وكانت شركة سنيم في المقدمة، تليها شركة تازيازت موريتانيا المحدودة وشركة مناجم النحاس الموريتانية.
تطورات القطاع ..
وعلى الصعيد العالمي، يتطور مشهد إنتاج الصلب، مع التحول نحو عمليات أقل كثافة من حيث الكربون وأكثر كفاءة، وهو ما يعني ارتفاع الطلب على الخامات عالية الجودة وحبيبات الحديد المختزل المباشر، والتي تتطلب طاقة أقل وتنتج نفايات أقل، ومن المنتظر أن تستفيد موريتانيا، وخاصة شركة سنيم، من هذا الاتجاه.
وتخطط موريتانيا على مدى العقد المقبل لمضاعفة قدرتها على إنتاج خام الحديد إلى أكثر من 45 مليون طن سنويا، ويتطلب هذا الهدف الطموح استثمارات كبيرة في البنية الأساسية والخدمات اللوجستية.
وينصب التركيز على إنتاج خام الحديد عالي الجودة وتطوير كريات خام الحديد، بما يتماشى مع التحول العالمي نحو عمليات تصنيع الصلب الأكثر نظافة.
ومع ذلك، تشكل الكهرباء العمود الفقري لهذه الطموحات الصناعية، وبالتوازي مع ذلك، تتطلع موريتانيا أيضًا إلى سوق الهيدروجين الأخضر، بهدف أن تصبح مركزًا لهذا المصدر للطاقة النظيفة.
سيتطلب التآزر بين التعدين والهيدروجين الأخضر وتطوير حقول الغاز بنية تحتية كبيرة، مما يعود بالنفع ليس فقط على قطاع التعدين ولكن أيضًا على الاقتصاد بصورة أوسع.
دور البنك الأفريقي للتنمية ..
شدد البنك الأفريقي للتنمية على أنه يعتز أنه كان وما زال شريكاً رئيسياً لموريتانيا، فقد استثمر البنك بشكل كبير في البنية الأساسية لشركة سنيم، بما في ذلك قرض بقيمة 46.9 مليون دولار لتوسيع قناة الوصول إلى ميناء نواذيبو المعدني.
وقد أدى ذلك إلى تعزيز صادرات الحديد والمساهمة في إيرادات الدولة. كما يساهم البنك في معالجة تحدي الطاقة من خلال مبادرات مثل مشروع تحويل الصحراء إلى طاقة، وتعزيز الطاقة الشمسية وتحسين الوصول إلى الكهرباء.
ويسير الدعم المالي من البنك جنباً إلى جنب مع التزام قوي بامتثال البلاد للمعايير البيئية والاجتماعية، وهذا يضمن تقاسم فوائد التعدين على نطاق واسع وبشكل مستدام.
ويشكل الهيدروجين الأخضر مجالاً آخر مثيراً للاهتمام، ويقدم البنك المساعدة الفنية لتطوير خطط الهيدروجين وجذب استثمارات القطاع الخاص. وهذا يتماشى تماماً مع هدف موريتانيا لإنتاج الصلب الأخضر، مما يضيف قيمة إلى قطاع التعدين لديها.