أجاز مجلس الوزراء، في اجتماعه المنعقد يوم 21 أغشت 2024، مشروع قانون يلغي ويحل محل القانون رقم 2018-034 الصادر بتاريخ 08 أغشت 2018 والمتضمن للنظام الأساسي للبنك المركزي الموريتاني.
وقد جاء هذا المشروع الجديد بجملة من التعديلات التي أملاها السياق، كما قال وزير الاقتصاد والمالية سيد محمد ولد أبوه؛ الذي اعتبر في مداخلته التي تلت الاجتماع الحكومي أن المشروع الجديد جاء ليوائم البنية القانونية للبنك المركزي مع التطورات التي طرأت على السياق العالمي والمحلي لاسيما فيما يتعلق بالتكنولوجيا المالية وتطبيقاتها المختلفة سواء أنظمة الدفع التي تسارع نموها في السوق الوطني خلال السنوات الأخيرة، أو فيما يتعلق بالاستعداد لإنشاء سوق للأوراق المالية التي يروم البنك المركزي من خلالها جذب رؤوس الأموال وتهيئة البيئة الملائمة لتدفق الاستثمارات الخارجية.
وقد حمل المشروع الجديد تغييرات كبيرة على مستوى الهيئات لجهة التوسع والتنوع، كما زاد عدد المحافظين المساعدين، وغير طريقة تشكيل المجالس التداولية، وفيما يلي نقف على أبرز التعديلات التي أدخلها النظام الأساسي الجديد:
1. تعزيز هيئات الحكامة واتخاذ القرار داخل البنك: عبر استحداث مجلس جديد يسمى "مجلس أنظمة الدفع والمقاصة وتسوية الأوراق المالية"، ينضاف للهيئات التداولية الثلاثة التي كانت موجودة وهي: المجلس العام الذي يتولى تحديد السياسيات العامة للبنك المركزي ويصادق على ميزانياته ويتأكد من تسيره الاعتيادي، ومجلس السياسة النقدية وهو المسؤول عن تحديد إطار السياسية النقدية، ومجلس الاحتراز والتسوية والاستقرار المالي ويتولى الإشراف الكامل على النظام المالي للبلد. ويعتبر استحداث مجلس لأنظمة الدفع والمقاصة وتسوية الأوراق المالية خطوة مهمة لجهة تعزيز البنى التحية للدفع وجعلها تحت سلطة رقابية وتنظيمية تفاديا للمخاطر التي قد تهدد الاستقرار المالي الوطني.
2. استحداث ثلاثة محافظين مساعدين بدلا من محافظ مساعد واحد: وهو توجه يجد أسبابه في تشعب وظائف البنك المركزي ومجالات عمله ودخول مجالات جديدة إلى دائرة الفعل والاهتمام بالنسبة له، وسيتيح هذا التوسع مد البنك المركزي بتنوع اختصاصي ملائم لطبيعته كمؤسسة مالية عصرية. وقد أتاح النظام الجديد تعيين المحافظين من خارج البنك المركزي بسكوته عن ذكر وجوب ذلك كما كان منصوصا في الفقرة الثالثة من المادة 16 من النظام الأساسي لعام 2018. مع أن السكوت لا يعني بالضرورة تعيين المحافظين المساعدين من خارج أطر وكفاءات البنك المركزي ولكنه لا يمنع من ذلك على وجه التصريح.
3. استحداث لجنة للإدارة: تتولى التسيير العملياتي للبنك وتتألف من المحافظ والمحافظين المساعدين والمديرين العامين في البنك، ويراد لهذه اللجنة أن تكون بمثابة غرفة عمليات لمتابعة العمل وتنسيق الجهود وقيادة العمل الإداري داخل المؤسسة.
4. كما غير النظام الجديد عضوية الهيئات التداولية (هيئات اتخاذ القرار): وجعلها على نسق واحد فكل مجلس من المجالس الأربعة: المجلس العام، مجلس السياسة النقدية، مجلس الاحتراز، ومجلس أنظمة الدفع، يتشكل من المحافظ ومحافظ مساعد يعينه المحافظ، وخمسة أعضاء يعينون بمرسوم من رئيس الجمهورية لمدة 5 سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة ويشترط فيهم من جهة العمر ما بين 40 سنة حتى السن القانوني للتقاعد، وبذلك تم حرمان الوزير الأول من الأعضاء الذين كان يعنهم (عضوين في المجلس العام، وعضوين في مجلس السياسة النقدية)، كما تم حرمان الوزير المسؤول عن الاقتصاد والمالية من اقتراح عضوين في المجلس العام من بينهم المدير العام للخزينة العمومية، وعضو في مجلس السياسة النقدية، كما تم حذف العضو الذي كان يمثل العمال في مجلس الإدارة، كذا حذف المراقب العام الذي كان يعينه رئيس الجمهورية لمدة 4 سنوات ويحضر لجلسات المجلس العام.
وينم هذا التوجه عن زيادة استقلالية البنك المركزي عن كافة مستويات العمل الحكومي ولاسيما ما يتصل بوزارة المالية والجهاز الحكومي.
5.استحداث مجلسين استشاريين: يعنى أولهما بالاستثمار وتتمثل مهمته في قيادة سياسيات الاستثمار وعمليات السوق، ويقوم بسن وتحديث المبادئ التوجيهية للاستثمار ويسهر على احترامها ويقدم المشورة للمحافظ حول استراتيجيات استثمار جميع مَحافظ البنك المركزي، بينما يُعني المجلس الثاني بـ"مراقبة وحماية مستخدمي النظام المالي"، ويسهر على تطبيق أفضل الممارسات والمعايير الدولية، من حيث الأخلاقيات والأنظمة والمعايير المتعلقة بمواضيع مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب وحماية مستخدمي النظام المالي، كما يتولى مراقبة المساواة في نفاذ جميع الموريتانيين إلى الخدمات المالية ومراقبة القوانين المتعلقة بحماية مستخدمي النظام المالي.