تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

البحث

ولد الشيخ أحمد يتحدث عن "الغزواني" وسياسته الخارجية

تحدث وزير الخارجية السابق الدبلوماسي المخضرم إسماعيل ولد الشيخ أحمد عن مواقف شخصية مع رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني، وعن محددات سياسته الخارجية، بوصفه أول وزير خارجية في عهده وثاني مدير لديوانه.

 

ولد الشيخ أحمد، وهو دبلوماسي محترف، ينتقي عباراته بحذرِ من يتحرك في حقل ألغام، وجد نفسه أمام جمهور سياسي، مساء الخميس بمقر حزب "الإنصاف" الحاكم، محاضرًا عن سياسة الغزواني الخارجية، وهو العازف عن الحديث العلني منذ خروجه من وزارة الخارجية في مارس 2022، وتعيينه مديرا للديوان ما بين ابريل 2022 ويوليو 2023، وهو منصب يضاعف على شاغله "واجب التحفظ".

 
من هو إسماعيل ولد الشيخ أحمد؟

  
تحدث ولد الشيخ أحمد عن محددات السياسة الخارجية الموريتانية، بأسلوب لا يخلو من رسمية، وتحفظ، وحشر للمعلومات، وكان سيكون حديثا بادرا لولا أن المتحدث لم يتكلم من قبل. لكنه كسر أخيرا حاجز الصمت الذي يهيمن على غالبية كبار رجال الدولة، الذين يختفون من المشهد العام، ويفقدون بريقهم مع فقدان المناصب.

 

بدا ولد الشيخ أحمد معجبا بنهج الغزواني، وتحدث عن موقفين، اعتبرهما كشفا لسر، يتعلق الموقف الأول بالطبيعة الشخصية للرئيس، قائلا: تعرفون جميعا أن رئيس الجمهورية يتميز بالهدوء والرزانة، وأنا أعتقد أن الرزانة صفة ضرورة لأي قائد، لكن حين تثار قضية تتعلق بالسيادة نجده شخصا ثانيا. أما الموقف الثاني: يقول ولد الشيخ أحمد: كنت فخورا حين مثلت رئيس الجمهورية في مؤتمر بباريس ولدى خروجي مع رؤساء الدول المشاركين مررت بجانب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون فأمسك بيدي وقال لي: لدي احترام كبير لرئيسكم.

 

تناول وزير الخارجية السابق أهمية الدور الموريتاني في المنطقة، قائلا إن الدبلوماسية الموريتانية عرفت ديناميكية غير مسبوقة، ونجاحات ملموسة يعترف بها كل الشركاء الدوليين. مستعرضا "الاعتبار الكبير" دوليا لما تقوم بها موريتانيا في السنوات الاخيرة، مع المكانة والاحترام الخاصين الذين يحظى بهما رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني، لدى الدول الصديقة والمنظمات الدولية، وهو ما تجسد في رئاسته الحالية للاتحاد الأفريقي بالإجماع الذي يعد نجاحا دبلوماسيا كبيرا ومكسبا للوطن.

 

  
المحددات ..

وأضاف ولد الشيخ أحمد، أنه كشاهد مباشر قضى نحو 4 سنوات وزيرا للشؤون الخارجية، يرى أن محددات السياسة الخارجية في عهد الرئيس الغزواني، واضحة، تنطلق من الإلمام بالإمكانات الجيوستراتيجية الهائلة للبلد، مع الطموح والواقعية وتقييم حدود العمل الدبلوماسي، في الواقع الإقليمي والدولي والداخلي للبلد.

 
وتابع ولد الشيخ أحمد أن رئيس الجمهورية في توصياته لوزير الخارجية والدبلوماسيين، يشدد على مصلحة البلد، والحفاظ على سيادته وجعلها فوق أي اعتبار آخر، وأن الرئيس الغزواني كان دائما ما يتساءل في كل القضايا التي تطرح للنقاش عن مصلحة البلد في القضية.

 

ويرى رئيس الدبلوماسية الموريتانية السابق، أن موريتانيا تتمتع بموقع جغرافي فريد يمنحها ميزة استثنائية، خاصة أنه البلد الوحيد الذي ينتمي إلى سلسلة من المجموعات الجيوستراتيجية الأساسية للسلام والاستقرار والتبادلات الاقتصادية مع بقية العالم، مثل الاتحاد الأفريقي، ومنظمة المؤتمر الإسلامي، والحوار 5+5، ومنظمة استثمار نهر السنغال، وجامعة الدول العربية، كما أن لموريتانيا شراكة استراتيجية مع منظمة المجموعة الاقتصادية لغرب أفريقيا.

 

وأضاف وزير الخارجية السابق أن موريتانيا، ليست فقط مجرد دولة عضو في هذه المجموعات، بل أصبحت اليوم قائدة داخل مجموعاتها، وتترأس الاتحاد الأفريقي، كما فرضت نفسها في السنوات الأخيرة كمرجعية لكل القضايا التي تتعلق بالأمن في دول الساحل، فلا يمكن أن تدار هذه القضية في أي منتدى دولي دون استشارة موريتانيا.

 

 

الهجرة والأمن ..

ويؤكد الوزير السابق، أن موريتانيا تحولت فيما يخص قضايا الهجرة غير الشرعية، من لاعب ثانوي، إلى لاعب رئيسي، وأصبح لها دور أساسي في كل الملتقيات الدولية، تضمنت تدشين شراكات دولية بما في ذلك مع الاتحاد الأوروبي وإسبانيا.

 

كما نبه ولد الشيخ أحمد إلى أن شركاء موريتانيا في دول العالم يحتفون بشكل خاص بـ "النموذج الموريتاني" الناجح في مجال الأمن والاستقرار، منوها بالتحولات العميقة التي شهدها قطاع الأمن والدور القيادي للجيش في المنطقة، سواء في دول الساحل، أو في جمهورية أفريقيا الوسطى، في حفظ السلام واستقرار هذا البلد، وهي إنجازات لا جدال فيها ولكن يجب الحفاظ عليها.

 

 

المكانة الاستراتيجية..

ويرى ولد الشيخ أحمد، أن من أهم الإنجازات في مجال الدبلوماسية الموريتانية اعتراف الاتحاد الأوروبي بدور بلادنا والمكانة الاستراتيجية لنا، ومدى قربه من بلادنا وأهمية الحوار والتعاون بين الطرفين، ولكن الأكثر أهمية أن الموريتانيين أنفسهم أصبحوا أكثر إدراكا لهذه المكانة والدور، وهو ما لم يكن موجود فيما سبق.

 

 يقول وزير الخارجية السابق، إن رؤية الدبلوماسية الموريتانية التي تبني عليها السياسة الخارجية، أن لكل بلد خصوصياته، ولذا تدعم موريتانيا مبدأ الاحترام الصارم للسيادة في البلدان وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لها، والحيادية في كثير من القضايا الدولية، إضافة إلى الدعوة إلى الشراكة القائمة على الاحترام المتبادل، مع مراعاة أن مصالح الدول، هي التي تسود بالعلاقات الدولية في النهاية.

 

 

الشراكة الاقتصادية .. 

 

وأوضح الوزير السابق، أن زيارة الرئيس الغزواني الأخيرة إلى الصين عكست مقدار التطور في سياستنا الخارجية، ومقدار الشراكة بين الجانبين، ليس على المستوى التجاري فقط، كون الصين هي الشريك التجاري الأول لبلادنا، بل وفي عدة مجالات، مؤكدا أن الحزب الشيوعي الحاكم في الصين له علاقة قوية مع حزب الإنصاف الحاكم، وكان دائما يريد دعم موريتانيا لتطوير الحزب الحاكم.

 

 

القضايا العربية ..

وشدد ولد الشيخ أحمد على أن موقف الرئيس الغزواني، من القضية الفلسطينية الذي عبر عنه في الأمم المتحدة نابع من إيمان راسخ أنها تأتي فوق كل القضايا الدولية، وأن الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني الشقيق سيظل أحد ضوابط سياستنا الخارجية، فندافع بحزم عن إقامة دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس.

 

كما أكد الوزير السابق، أهمية كلمة الرئيس الغزواني، حيث عبر عن موقف كل موريتاني، ولم يتردد في التعبير عنه في كل المنابر والمحافل الدولية، ووضع العالم أمام حقيقة ما يعانيه الفلسطينيون في غزة وفي لبنان الشقيق، باعتبارها انتهاكات بشعة لكل القوانين الدولية.

21:51 - 2024/09/28