نشرت صحفية فايننشال آفريك صورة قلمية (بروتري) عن وزير الإسكان والعمران والاستصلاح الترابي سيدأحمد ولد محمد، المنحدر من ولاية الحوض الشرقي، وتحديدا من مقاطعة النعمة، وجاء في مقدمة المقال المنشور على موقع الصحيفة أن الانتخابات الماضية هيمن عليها حزب "إنصاف"، الذي يتولى السلطة حاليا، على الرغم من سياق ما قبل الانتخابات الذي طبعه الرفض الداخلي لأغلب الترشيحات، وهو ما عرف محليا بظاهرة المغاضبة.
يمكن قراءة النص كاملا بلغته الأصلية من خلال الضغط هنا.
ومن بين الشخصيات البارزة، التي ظهرت بقوة خلال الانتخابات الوزير سيد أحمد ولد محمد، الذي يشغل منذ مايو 2021 منصب وزير الإسكان، كما شغل قبلها منصب وزير التجارة ثم وزير المياه، وهو من ضمن أربعة وزراء احتفظ بهم الغزواني في حكوماته منذ تنصيبه رئيسا للجمهورية في أغسطس 2019. ورغم التوترات والصراعات المحلية، نجح الوزير سيدأحمد في توحيد أهالي الحوض الشرقي، مما يدل على نفوذه المتزايد في المنطقة.
أصبح ولد محمد شخصية سياسية ذات وزن في الحوض الشرقي، وخاصة في مقاطعة النعمة، على الرغم من الانقسامات الموجودة في هذه المنطقة. وساهمت قدرته على المناورة في بيئة معقدة بلا شك في انتصار الحزب وتعزيز موقعه في الساحة السياسية الموريتانية.
أكاديمي واستشاري دولي ...
ولد معالي الوزير سيد أحمد ولد محمد عام 1971م، وانتقل في مناطق من البلاد كالشرق والجنوب والشمال، ونال شهادات علمية عالية، فبعد دراسته للزراعة وعلم الحشرات وإدارة مخاطر المبيدات الحشرية في مصر وساحل العاج، حصل درجة الدراسات العليا في جامعة كيب تاون في عام 2020، في جنوب إفريقيا.
المسار الأكاديمي والتجربة المهنية، دفعت به إلى التقدم السريع في وزارة الزراعة، حتى أصبح مديرا فيها، ينما كان يعمل بالتوازي كمستشار لمنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة، وتنقل بين بعثاتها في عدد من الدول الإفريقية والآسيوية.
رجل المهام الصعبة في نظام "الغزواني"
عينه الرئيس الغزواني في أغسطس 2019 وزيرا للتجارة، وسرعان ما اكتسب الرجل العصامي سمعة كبيرة كمدافع عن حقوق المستهلك ومنظم للسوق، ويعترف الموريتانيون بعمله الحاسم في مواجهة تداعيات "كورونا"، حيث أسس نظام مراقبة للأسعار لمواجهة المضاربة وضمان توفر المواد الغذائية في الأسواق، رغم جشع التجار، واضطراب خطوط الإمداد إقليميا ودوليا.
النجاح الباهر لولد محمد في قطاع التجارة، دفع به إلى المقعد الساخن، وهو مقعد وزير المياه، في بلد صحراوي على مساحة شاسعة، ومؤسسات تسيير للمياه تعاني الترهل والتضخم العمالي وقلة الإمكانات، فضلا عن الأشغال المتعثرة لأكثر من سبب، وخلال 10 أشهر فقط، تمكن من نفض الغبار عن مشاريع المياه ومؤسساته، واتخذ إجراءات قانونية وإدارية، بل وعملية لإصلاحها، حظيت بمصادقة مجلس الوزراء.
وكالمرة السابقة، شفع له عمله، فنقل إلى الوزارة، الأكثر ملفات معقدة، وهي وزارة الإسكان، حيث المشاكل العقارية المتراكمة عبر السنين، والأشغال المنتشرة في أنحاء البلاد، ومن خلال سياسة "الشفافية" وحل النزاعات، والتحرك في البلاد؛ أصبح كثير من الموريتانيين يرضون نسبيا عن منجزات القطاع.
نجم صاعد ..
ولد محمد أكثر من مجرد وزير؛ إن قدرته على المناورة، والنقاش، والتزامه الشديد بالقضايا الوطنية في بلاده؛ أمور جلعت منه لاعبا حاسما في السياسة الموريتانية. إن مشاركته البارزة في الحملة الانتخابية للرئاسيات لمحمد ولد الشيخ الغزواني عام 2019، ضمنت له مكانة بارزة في حكومة الغزواني، أما داخل حزب "الإنصاف" فقد نجح في خلق توافق خلال التعيينات الحزبية والانتخابات التشريعية والجهوية والبلدية الأخيرة، خاصة في موطنه الأصلي شرق البلاد، وكذلك على مستوى الجالية في أفريقيا.
يمتاز ولد محمد، بالصراحة والمشاركة النشطة في النقاش العام، فهو خطيب ماهر، ومتحدث مقنع، تمكن خلال 4 سنوات من البقاء على اتصال مع الجمهور، حتى أنه يتفاعل مع المدونين ومستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي، بل وأبرزهم معارضة للحكومة.
ومع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية العام المقبل، 2024، يبدو أن ولد محمد سيصبح رقما صعبا في الحزب الحاكم، في بلاده، فإدارته الفعالة للأزمات، وتأثيره المتزايد على المشهد السياسي، أمور من بين أخرى تجعله شخصية يجب متابعتها عن كثب.
ترجمة: موقع كادر