تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

البحث

هل ينتهي الهدوء السياسي؟

تدخل موريتانيا بعد 5 أيام فقط حملة ممهدةٌ لانتخابات رئاسية، تبدو محسومة، والرهانات عليها تنحصر في الترتيب لا النتائج.


هذه الانتخابات تأتي بعد 5 سنوات من حكم الرئيس المنتهية ولايته محمد ولد الشيخ الغزواني، الذي طبع حكمه، دون خلاف كبير، الهدوءُ السياسي والانسجامُ الغريب بين القُوى السياسية باستثناء حلالات قليلة تثبت صحة القاعدة.


الغزواني، الرجل الكتوم والهادئ، يبدو مطمئنا إلى أنه فائز لا محالة، ومع ذلك لا يريد ترك مجال للصدفة، فقدْ أشرف بنفسه، خلال الأشهر الماضية، على ترتيب حملة انتخابات من نوع خاص، أبعد عنها السياسيين، ومن ظهر منهم فيها إنما كان في الصف الثاني لا الأول، وأعطى زمام قيادتها لوزيره المقرب سيد أحمد ولد محمد، أحد الخمسة الذين احتفظ بهم طوال مأموريته الأولى.

 

أما النائب والحقوقي بيرام ولد الداه اعبيد، الذي حل ثانيا في انتخابات 2019، فيبدو في وضع أقل راحة من ذي قبل، إذ هو أكثر المتضررين من سنوات الهدوء السياسي، الذي حاول هو نفسه خرق قواعده بعدما تبين له أنه دخل لعبة في غير صالحه، لكن محاولاته تلك لم تلق تجاوبا يذكر، فحاول خرق حالة الهدوء فنزعوا عنه نصف الحصانة البرلمانية، واستدعوه للشرطة دون حبسه، وتركوه في منتصف الطريق، لا هو سياسي مضايق ولا هو سياسي مقرب. ثم إن مصادر المال نضبت أو كادت، فلجأ لخطاب أقل حدة تجاه الشرائح، بل اختار بذكاء التلوين والمداهنة وفق تعبير البعض.


وفي زاوية من المشهد يقف حزب "تواصل" أعزلا من قياداته التاريخية، التي تثير عادة جماهيره، لكنها اليوم في صف الغزواني، وتحديدا جميل وغلام. ورغم أن تواصل يمتلك قاعدة صلبة، قوامها الشباب والنساء وبعض قادة التيار الإسلامي، إلا أن الحزب المعارض الأكبر في البلاد منذ 2013، يبدو هو الآخر، في وضع غير مريح، جعل أكثر المتفائلين من قيادته يرجحون حلوله في المرتبة الثالثة.

 

وفي المشهد أيضا يسجل حضور جيد للنائب البرلماني والمحامي العيد ولد محمدن امبارك، الذي دخل الساحة بقوة، ومعه أطراف سياسية حاضرة بقوة على مواقع التواصل الاجتماعي، ويعتقد، على نطاق واسع، أن يلقى خطابه صدى مقبولا لدى الشباب من مختلف الشرائح، لكنه ينافس على المرتبة الرابعة وفق كثير من المتابعين للمشهد السياسي.

 

بينما سيضمن الطبيب اتوما انتوان سليمان سوماري المعقد السادس، يبدو من شبه المؤكد حلول النائب البرلماني ممادو بوكار با في المرتبة الخامسة، وإن كان يطمح لأكثر من ذلك. فيما سيحافظ المرشح والخبير المحاسبي محمد الأمين المرتجي الوافي على مكانه في الترتيب في الانتخابات الرئاسية الماضية، متذيلا القائمة بفارق عكسي مريح.


فهل ينجح الغزواني في ضبط المشهد السياسي، ووسمه بالهدوء، خلال بقية يونيو الجاري، كما فعل في السنوات الخمس الماضية؟ لا تبدو مهمة مستحيلة، ومع ذلك، فالراجح أن الهدوء ليس سمة السباقات الانتخابية.

10:14 - 2024/06/09